عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 16 May 2008, 10:30 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي

في حدود التعامل المنيع



السـؤال:
بلغنا كلام الشيخ -حفظه الله- في إحدى الشركات العابثة بالقيم الإسلامية، وللعلم أنَّ هذه الشركة لها مجموعة من المصانع والخدمات ونحوهما، فهل يُلحق الجميع بكلام الشيخ؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فاعلم أنَّ الأُمَّة أجمعت على وجوب إنكار المنكر وعدم الرِّضا بالفساد والإفساد، وكُلٌّ بحَسَبِ طاقته، لقوله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ [آل عمران: 110]، وقوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ [التوبة: 71]، ولقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنْ رَأَى مِنكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ»(١).
وعليه، فالنشاط التجاري لأيِّ مؤسَّسة أو شركة إن كان عملها مشروعًا في ذاته لكن عُلم بتصريح أصحابها وترويج روَّادها بأنها تعمل على تغذية الفساد وتدعيم سُبُله أو إحلاله محلَّ القيم الإسلامية في المجتمع، فإن كان نوعُ نشاطها المشروعِ يشاركه غيرُها من شركات مماثلة لها فالواجب التعبير عن إنكار المنكر بالتخلِّي عنها إلى غيرها، بحسب إمكانيته وقدرته، أَمَّا إن كان نوعُ نشاطها تنفرد به السوق وحاجةُ الناس إليه مُلحَّة ومؤكَّدة، فالتعامل معها إنما يكون في حدود الحاجة؛ لأنَّ «الحَاجَةَ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ عَامَّةً كَانَتْ أَوْ خَاصَّةً»، والحاجات كالضرورات تقدَّر بقدرها، مع قيام الإنكار القلبي الذي يُعَدُّ من الفروض العَينية التي يُكلَّف بها كُلُّ مسلمٍ ولا يسقط بحالٍ، وعدم الرضا بالخطيئة؛ لأنَّ الرضا بالخطئية يُفوَّتُ به إنكار القلب، أَمَّا مشاركةُ الشركات مع الدولة في إنشاء المصانع وبناء المجمعات السكنية ونحوها فلا يمنع من العمل فيها إن كانت مشروعة الأصل؛ لأنه إذا كانت المشاريع الإنمائية للدولة لا تستغني عن البنوك الربوية -في عموم الأحوال- مع ذلك يصحُّ العمل -ضرورة- في تلك المصانع والمؤسَّسات الإدارية والتربوية ونحوها -وَفق ضابط الحاجة السالف البيان- فلأنْ يعمل مع غيرها من بابٍ أَوْلَى.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 28 ربيع الثاني 1429م
الموافق ﻟ: 04 ماي 2008م

١- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان: (177)، وأبو داود في «سننه» كتاب الصلاة ، باب الخطبة يوم العيد: (1140)، والنسائي في « سننه» كتاب الإيمان وشرائعه، باب تفاضل أهل الإيمان: (5008)، وابن ماجه في «سننه» كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في صلاة العيدين: (1275)، وأحمد في «مسنده»: (11068)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه




http://www.ferkous.com/rep/Bi141.php

رد مع اقتباس