عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 02 Jan 2008, 12:18 AM
الـــــنـاصـــح
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

قوله ( أو يُعَلَّ ) معناه أي يُقدح فيه بعلة تمنع قبوله، فإذا وجدت في الحديث علة تمنع قبوله فليس الحديث بصحيح.

ومعنى العلة في الأصل هي: وصفٌ يوجب خروج البدن عن الاعتدال الطبيعي.

ولهذا يقال: فلانٌ فيه علة، يعني أنه عليل أي مريض، فالعلة مرض تمنع من سلامة البدن.

والعلة في الحديث معناها قريبة من هذا وهي: ( وصفٌ يوجب خروج الحديث عن القبول. )

لكن هذا الشرط، يشترط فيه شرط زائد على ما قال المؤلف وهو: أن لا يُعلّ الحديث بعلةٍ قادحة، لأن الحديث قد يُعلُّ بعلةٍ لا تقدح فيه، وهذا سيأتي الكلام عليه إن شاءالله.

إذاً فيشترط للحديث الصحيح شروط أخذنا منها ثلاثة وهي:

1 ـ اتصال السند.
2 ـ أن يكون سالماً من الشذوذ.
3 ـ أن يكون سالماً من العلة القادحة.

والعلة القادحة اختلف فيها العلماء اختلافاً كثيراً!؛ وذلك لأن بعض العلماء قد يرى أن في الحديث علة توجب القدح فيه، وبعضهم قد لا يراها علة قادحة.

ومثاله: لو أن شخصاً ظن أن هذا الحديث مخالفٌ لما هو أرجح منه لقال: إن الحديث شاذ، ثم لا يقبله، فإذا جاء آخر وتأمل الحديث وجد أنه لا يخالفه، فبالتالي يحكم بصحة الحديث! لأن أمر العلة أمر خفي، فقد يخفى على الإنسان وجه ارتفاع العلة فيعلله بهذه العلة، ويأتي آخر ويتبين له وجه ارتفاع العلة فلا يعلله.

لذلك قلنا لابد من إضافة قيد وهو: ( أن تكون العلة قادحةوالعلة القادحة هي التي تكون في صميم موضوع الحديث، أما التي تكون خارجاً عن موضوعه فهذه لا تكون علة قادحة.

ولنضرب على ذلك مثلاً بحديث فضالة بن عبيد ـ رضي الله عنه ـ في قصة القلادة الذهبية التي بيعت باثني عشر ديناراً، والدينار نقد ذهبي، ففُصلت فوجد فيها أكثر من اثني عشر ديناراً. (8)

واختلف الرواة في مقدار الثمن.

فمنهم من قال: اثني عشر ديناراً. ومنهم من قال: تسعة دنانير. ومنهم من قال: عشرة دنانير.

ومنهم من قال غير ذلك، وهذه العلة - لا شك - أنها علة تهزُّ الحديث، لكنها علة غير قادحة في الحديث، وذلك لأن اختلافهم في الثمن لا يؤثر في صميم موضوع الحديث وهو: أن بيع الذهب بالذهب، إذا كان معه غيره، لا يجوز ولا يصح.

وكذلك قصة بعير جابر - رضي الله عنه - (9) الذي اشتراه منه النبي صلى الله عليه وسلّم، حيث اختلف الرواة في ثمن هذا البعير، هل هو أوقية، أو أكثر، أو أقل، فهذا الخلاف لا يعتبر علّة قادحة في الحديث، لأن موضوع الحديث هو: شراء النبي صلى الله عليه وسلّم الجمل من جابر بثمن معين، واشتراط جابر أن يحمله الجمل إلى المدينة، وهذا الموضوع لم يتأثر ولم يُصب بأي علة تقدح فيه، وغاية ما فيه أنهم اختلفوا في مقدار الثمن، وهذه ليست بعلة قادحة في الحديث.

ومن العلل القادحة: أن يروي الحديث اثنان، أحدهما يرويه بصفة النفي، والآخر يرويه بصفة الإثبات، وهذا لا شك أنها علة قادحة، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله في الحديث المضطرب الذي اضطرب الرواة فيه على وجهٍ يتأثر به المعنى.


ـــــــــــــــــــ
(8) أخرجه مسلم كتاب المساقاة باب بيع القلادة فيها خرز وذهب (90) (1591).

(9) أخرجه البخاري كتاب البيوع باب شراء الدواب (2097) ومسلم كتاب المساقاة باب بيع البعير واستثناء ركوبه (109)(715) .



رد مع اقتباس