عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 01 Apr 2014, 04:17 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي

قوله تعالى: " قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)"
1- "السُّجود" في لغة العرب: التَّذلُّل والخُضوع، قال زيد الخيل:
بِجَمْع تضِلُّ البُلْقُ في حَجَراته *** ترى الأُكْم فيها سُجَّدًا للحوافر

البلق: جمع أبلق وبلقاء، والبَلَق: سواد وبياض،وارتفاع التحجيل إلى الفخذين، الأُكم: الجبال الصِّغار، والحجرات: جمع حَجْرة، وحجرة القوم: ناحية دارهم.
و"أَسْجدَ": إذا طأطأ رأسه، قال حميد بن ثور:
فلما لوَيْن على مِعْصَم *** وكفٍّ خَضيبٍ وإسوارها
فُضُول أزِمَّتِها أَسْجدَتْ *** سجودَ النصارى لأربابها

معناه: لما ارتحلن ولوين فضول أزمّة أجمالهن على معصمهن أسجدت الجمالُ لهنَّ، وطأطأت رؤوسها ليركبنها.
وقال الشاعر وأنشده أبو عبيدة لأعرابي من بني أسد:
*** فقلنَ له أسجدْ لليلى فأسجدَا ***
يعني: البعيرَ إذا طأطأ رأسَه.
ودراهم الإسجاد: دراهِمُ كانت عليها صور كانوا يسجدون لها، قال الأسود بن يعفر:
من خمرِ ذي نَطَفٍ أغنَّ مُنَطَّقِ *** وافى بها لدَراهمِ الإسجاد
قلت: والسجود لا يكون إلا لله تعالى، لأن السجود عبادة، والعبادة لا تكون إلا لله تعالى، قال تعالى: "يا مريم اقنتي لربِّك واسجدي" أي: لربِّك، وقوله: "فاسجد واقترب" أي: لربِّك، وأما سجود الملائكة لآدم - عليه السلام - فهو تعظيم لشأنه ولم يكن سجود عبادة لآدم - عليه السلام - وإنما كان عبادة لما كان أمرًا من الله تعالى، وأما سجود إخوةِ يوسف ليوسف - عليه السلام - فهو تحية وكان جائزا في شرعتهم، وضلَّ مباحا إلى عصر النُّبُوَّة ولما قال صحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: نحن أولى بالسجود لك من الشجرة والجمل الشارد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينبغي أن يُسجَد لأحدٍ إلا لربِّ العالمين"، ولما قدم معاذ - رضي الله عنه - من الشام، رآهم يسجدون لبطارقتهم وأساقفتهم، فسجد لرسول - الله صلى الله عليه وسلم - فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تفعل ..." الحديث.
قال أبو عبد الله القرطبي – رحمه الله -: "وهذا السجود المنهي عنه قد اتَّخذه جُهَّال المتَصوِّفة عادةً في سماعهم، وعند دخولهم على مشايخهم واستغفارهم، فترى الواحد منهم إذا أخذه الحال بزعمه، يسجد للأقدام لجهله، سواء للقبلة أم غيرها جهالة منه، ضلَّ سعيهم وخابَ عملهُم"اهـ.
2- وقد جاء الاستثناء المنقطع في قول الشاعر:
ليس عليك عطشٌ ولا جوعْ *** إلا الرقادَ والرُّقادُ ممنوعْ

3- والملائكة قد تسمى جِنًّا، لاستتارها، قال تعالى: "وجعلوا بينه وبين الجِنَّة نسبا"، وقال الأعشى في ذكر سليمان – عليه السلام -:
وسخَّر من جِنِّ الملائكِ تسعةً *** قياما لديه يعملون بلا أجرِ

4- "كان" بمعنى "صار"، ومنه قوله تعالى: "فكان من المُغرَقين"، قال ابن الأحمر:
ألا ليت شعري هل أبيتَنَّ ليلةً * صحيح السُّرى والعيسُ تجري عروضُها
بتيْهاء قَفْرٍ والمَطِيُّ كأنَّها *** قطا الحَزْنِ قد كانتْ فِراخا بُيُوضُها
أي: صارت، وقطا الحزن: قطا ما غلظ من الأرض، أضاف القطا إليه لأنه قليل الماء، فيكون قطاه أكثر عطشا.
قال ابن فُورَك: "كان" بمعنى: صار، خطأ ترُدُّه الأصول، لأن الله قد علم منه الكفر.
قال أبو عبد الله القرطبي –رحمه الله -: وهذا صحيح، لقوله – صلى الله عليه وسلم – في "صحيح البخاري": "وإنَّما الأعمال بالخواتيم" اهـ.


فائدة:

قال أبو عبد الله القرطبي – رحمه الله -: "فإذا كانت خطيئة الرجل في كِبْر فلا تَرْجُهْ، وإن كانت خطيئته في معصية فارجُهْ، وكانت خطيئة آدم – عليه السلام –معصية، وخطيئة إبليس كِبْرا" اهـ.
قال قتادة: "حسد إبليس آدم، على ما أعطاه الله من الكرامة، فقال: أنا ناريٌّ وهذا طينِيٌّ، وكان بدء الذُّنوب: الكِبْرُ، ثم الحرص حتَّى أكل آدم من الشَّجرة، ثم الحسد إذْ حسد ابنُ آدم أخاه" اهـ.


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف بن عومر ; 05 Apr 2014 الساعة 12:24 AM
رد مع اقتباس