عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 22 Feb 2010, 10:19 PM
أبو تميم يوسف الخميسي أبو تميم يوسف الخميسي غير متواجد حالياً
مـشـرف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو تميم يوسف الخميسي إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو تميم يوسف الخميسي
افتراضي

أي شباب الإسلام : حملة الأمانة ومستودع الآمال وبناة المستقبل وطلائع العهد الجديد خذوها فصيحة صريحة لا تتستر بجلباب ولا تتوارى بحجاب إن علّتكم التي أعيت الأطباء واستعصت على حكمة الحكماء هي من ضعف أخلاقكم ووهن عزائمكم فداووا الأخلاق بالقرآن تصلح وتستقم، وأسُوا العزائم بالقرآن تقوَ وتشتد.


وإن الذي قعد بأمتكم عن الصالحات وأعدها لها في أخريات القافلة هو اختلاف قلوبها وتشتت أهوائها فاجمعوا على القرآن آخرها كما جمع محمد صلى الله عليه وسلم أوّلها ينتج لكم هذا الآخر ما أنتجه ذلك الأول من عزائم شداد وألسنة حداد وهمم كبيرة وعقول نيرة.


وإن أول أمتكم شبيه بآخرها عزوفاً عن الفضائل وانغماساً في الرذائل فلم يزل بها هذا القرآن حتى أخرج من رعاة النعم رعاة النعم وأخرج من خمول الأمية أعلام العلم والحكمة فإن زعم زاعم أن الزمان غير الزمان. فقولوا : ولكن الإنسان هو الإنسان.


وإن هذا القرآن وسع الحياة الأبدية فبينها حتى فهمها الناس واعتقدوها وسعوا لها سعيها فكيف لا يسع حياتكم هذه... ؟


أي شباب الإسلام :إن الأوطان تجمع الأبدان وإن اللغات تجمع الألسنة وإنما التي يجمع الأرواح ويؤلفها ويصل بين نكرات القلوب فيعرفها هو الدين.
فلا تلتمسوا الوحدة في الآفاق الضيقة ولكن التمسوها في الدين والتمسوها من القرآن تجدوا الأفق أوسع، والدار أجمع، والعديد أكثر، والقوى أوفى.

بدء تفرق المسلمين في الدين


أقام سلفنا الصالح دين الله كما يجب أن يقام واستقاموا على طريقته أتم استقامة ؛ وكانوا يقفون عند نصوصه من الكتاب والسنة، لا يتعدونها ولا يتناولونها بالتأويل ؛ وكانت أدواتهم لفهم القرآن، روح القران وبيان السنة ودلالة اللغة والاعتبارات الدينية العامة، ومن وراء ذلك فطرة سليمة وذوق متمكن ونظر سديد وإخلاص غير مدخول واستبراء للدين قد بلغ من نفوسهم غايته وعزوف عن فتنة الرأي وفتنة التأويل.


أدبهم قوله تعالى { أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } وقوله تعالى {فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول} فكانوا أحرص الناس على وفاق، وكانوا كلما طاف بهم طائف الخلاف في مسألة دينية بادروه بالرد إلى كتاب الله والى سنة رسوله فانحسم الداء وانجابت الحيرة.


وكان العلماء هم المرجع الأعلى للعامة في كل مايحزبها من شؤون دينها يرجعون إليهم بلا عصبية ويصدرون عن رأيهم بلا عصبية. وكان العلماء يمثلون الاستخلاف الديني والوراثة النبوية تمام التمثيل يقودون الأمة بالحق إلى الحق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولاتأخذهم في الله لومة لائم.


وأول ما نشئ في المجتمع الإسلامي من جراثيم التفرق في الدين الكلام في القدر والخوض في الصفات، وقارن ذلك حدوث الخلاف في الخلافة هل هي شعبة من الدين تفتقر إلى تنصيص من الشارع، أو هي مصلحة دنيوية ترجع إلى اختيار أهل الرأي من الأمة. وقد سبق الخلاف العمليُّ الخلافَ العلمي في هذه المسألة.وهي المعترك الأول الذي اشتجرت فيه الآراء حتى تطرفت بعد أن اشتجرت فيه الرماح حتى تقصفت.كما أنها أول مسألة امتزجت فيها الأنظار الدينية بالأنظار الدنيوية (أو السياسية) كما يقولون اليوم. وفي هذا المعترك نبتت جرثومة التعصب الخبيثة.


ثم توسعت الفتوحات وبسط الإسلام ظله على كثير من الممالك التي كانت لها أثارة من عمران وشيء من سلطان ودانت له كثير من الأمم وفي كل أمة طوائف دخلت في الإسلام وهي تحمل أوزاراً من بقايا ماضيها. وما كادت هذه المجموعات البشرية تمتزج ويفعل الإسلام فيها فعله ؛ حتى ظهرت عليها أعراض التفرق.


فظهر أصحاب المقالات في العقائد وأحدثوا بدعة التأويل الذي هو في الحقيقة تحريف مسمى بغير اسمه. وتوفرت الدواعي لظهور المذاهب الفقهية والمذاهب الكلامية والمذاهب الصوفية في أزمنة متقاربة ؛ وكان لترجمة الفلسفة اليونانية والحكمة الفارسية والهندية أثر قوي في تعدد المذاهب الكلامية والصوفية بما أتت به الأولى من بحث في الإلهيات على الطريقة العقلية الصرفة وبما غذت به المتكلمين من الأنظار المختلفة وأمدتهم به من طرائق الجدل وقوانينه ؛ وهذا هو مبدأ التفرق الحقيقي في الدين، لأن المتكلمين يزعمون أن علومهم هي أساس الإسلام، والصوفية يقولون إن علومهم هي لباب الشريعة وحقيقتها.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو تميم يوسف الخميسي ; 23 Mar 2010 الساعة 12:57 PM
رد مع اقتباس