جزاك الله خيرا أخي الكريم أبا الحسن على هذه اللفتة المهمة.
وأستسمحك أخي الكريم في إضافة؛ لعل الله عزوجل ينفع بها.
ألا وهي: أن من الأمور المهمة التي تساعد على معرفة محاسن الشريعة، وحكمها وفوائدها؛ دراسة علم مقاصد الشريعة على الطريقة الصحيحة؛ فعلم المقاصد كما عرفه بعض أهل العلم، أنه:"العلم بالمعاني والحكم التي أرادها الله عزوجل من التشريعات عموما وخصوصا؛ لتحقيق عبوديته، وإصلاح العباد في المعاش والمعاد، تأصيلا وتفريعا"
قال الشيخ سليمان الرحيلي-حفظه الله- وهو يعدد فوائد دراسة علم مقاصد الشريعة، قال: (أن معرفة مقاصد الشريعة معرفةً صحيحة تزيد المؤمن إيماناً بكمال الله سبحانه وتعالى , وأنه سبحانه وتعالى له الكمال المطلق, وبالتالي تزيده إيمانا ومعرفة بكمال الشريعة, وأنها صالحة في ذاتها, مُصلحة لكل زمان ومكان,وأنه لا يصلح الناس سواها, يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: ( إنه سبحانه حكيم لا يفعل شيئا عبثا ولا لغيرمعنى ومصلحة وحكمة, هي الغاية المقصودة بالفعل, بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة, لأجلها فعل, كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل, وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا){شفاء العليل(ج1/ص190)}.
فما من شيء إلا وله حكمة, حتى ما خفيت عنًّا حكمته, ففي خفائه حكمة, وقال أيضا:( وهذا شأن الحكيم اللطيف الخبير البر المحسن وإذا تأملت شرائع دينه التي وضعها بين عباده, وجدتها لا تخرج عن تحصيل
المصالح الخالصة أو الراجحة بحسب الإمكان, وإن تزاحمت قدم أهمها وأجلها, وإن فاتت أدناهما, وتعطيل
المفاسد الخالصة أو الراجحة بحسب الإمكان, وإن تزاحمت عطل أعظمها فساداً باحتمال أدناهما وعلى هذا
وضع أحكم الحاكمين شرائع دينه دالة عليه, شاهدة له بكمال علمه وحكمته ولطفه بعباده واحسانه إليهم
{مفتاح دار السعادة (ج2/ص22)}, وقال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- مبيناً دلالة الحِكَم على الكمال: (إن العقل الصريح يعلم أن مَن فعل فعلا لا لحكمة, فهو أولى بالنقص ممن فعل لحكمة كانت معدومة, ثم صارت موجودة في الوقت الذي أَحَبَّ كَوْنَها فيه, فكيف يجوز أن يقال: فعله لحكمة يستلزم النقص, وفعله لا لحكمة لا نقص فيه){الرد الشامل(ج24/ص2)}, لأن الأشاعرة يقولون أن إثبات التعليل يستلزم التنقص لله تعالى ,وشيخ الإسلام رد عليهم بردود منها دلالة العقل الصريح, فإن العقل يدل على أن التنقص إنما هو في وصف الفاعل بكونه يفعل شيئاً لغير حكمة, وأن الكمال في فعل الشيء للحكمة, أرأيت لو أن رجلا قصد ثعباناً ليقتله ليريح الناس من شره فقتله, وآخر رمى بحجر لا يدري لَِم رماه, فأصاب به ثعباناً فقتله, أيهما الأكمل؟! الأول بلا شك, لأنه علم وأراد وفعل, وهذا يدل على الكمال, فمعرفة المقاصد يزيد المسلم إيماناً بكمال الله جل وعلا, وأن لله الكمال المطلق.)
|