08 Dec 2013, 12:02 PM
|
عضو
|
|
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
|
|
فوارق مفيدة وألفاظ دقيقة لفضيلة الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى
الحمد لله رب العالمين و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
و بعد، فمنَ المعلومِ أنّ الأنبياءَ لم يورثُوا دينارًا و لا درهمًا و إنما ورثُوا العلمَ، و إنّ من الناسِ مِن هذه الأمةِ نالَ حظًا وافرًا من ميراثِ النبوةِ، و هو فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى، الذي نفعَ الله به و بشروحاته الأمةَ الإسلاميةَ، فقد برزَ في كلّ الفنونِ و العلوم، و إنّ مما اهتم به الشيخُ رحمه الله تعالى و غيره من أئمةِ السنة :كتبُ العقيدةِ و شروحها فقد اعتنى بها اعتناءً كبيرا رحمه الله تعالى، و لا زلنا نستفيدُ منْ شروحاته، بل يكادُ لا يستغني الواحدُ عنها، فجزاه الله خيرا.
و إنّ مما تميزَ به الشيخُ رحمه الله تعالى دقة الألفاظِ في هذا البابِ و حسن التعابير، فإنّ الشيخَ رحمه الله تعالى كثيرًا ما ينبه على أَوْلَوِيةِ لفظٍ على الآخر و يعللُ ذلك و يأتي بالفوارقِ بينهما، و هذا موضوعُ المقالِ، و سأنقل لإخواني ثلاثَ أمثلة من كتابٍ نفيس و هو شرحُ العقيدةِ الواسطيةِ لشيخ الإسلام بنِ تيمية رحمه الله تعالى، و سأنقلها باختصارٍ إن شاء الله تعالى.
المثال الأول: التعبيرُ بالتحريفِ أولى من التعبيرِ بالتأويلِ في بابِ الأسماء و الصفات و ذلك من قول شيخ الإسلام "من غيرِ تحريفٍ" و هذا لأربعةِ وجوه :
1 ـ أنه اللفظُ الذي جاءَ به القرآنُ، و التعبيرُ الذي عبر به القرآنُ أولى من غيره، لأنه أدلُّ على المعنى، فإنّ الله تعالى قال {يحرفونَ الكلمَ عن مواضعِه}.
2 ـ أنه أدلُّ على الحالِ، و أقربُ إلى العدلِ، فليس من العدلِ أن نسمي التأويلَ بغير دليلٍ تأويلًا، بل حقُّه أن يسمى تحريفا.
3 ـ أنّ التأويلَ بغير دليلٍ باطلٌ، يجب البعد عنه و التنفيرُ منه، و لفظُ التحريفِ أبلغُ في التنفيرِ إذ لا يقبله أحد، و استعماله أليقُ في حقِّ المخالفين للسلف، كما أن لفظَ التأويلِ ألينُ و يحتاج إلى تفصيل.
4 ـ التأويلُ ليس مذمومًا كله، قال الله تعالى {و ما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم} فامتدحهم الله بأنهم يعلمون التأويل، و قال صلى الله عليه و سلم "اللهم فقهه في الدين، و علمه التأويل".
المثال الثاني : الفرقُ بين الكييفِ و التمثيلِ :
1 ـ التمثيلُ هو ذكرُ الصفةِ مقيدةً بمماثلٍ، و التكييفُ هو ذكر الصفةٍ غير مقيدة بماثل، فالتكييفُ أعم إذ كلّ ممثلٍ مكيف و لا عكس.
2 ـ التكييفُ لا يكون إلا في الصفةِ و الهيئة، و التمثيلُ يكون فيهما و يكون في العددِ كقوله تعالى {الله الذي خلقَ سبع سمواتٍ و من الأرضِ مثلهن}، فالتمثيل هنا أعم.
فيتضحُ لنا أن بيهما عموم و خصوص وجهي.
المثال الثالث : التعبيرُ بالآياتِ أولى من التعبير بالمعجزاتِ، لأمورٍ ثلاثة هي :
1 ـ أنّ الآياتِ هي التي يُعبَرُ عنها في الكتابِ و السنةِ.
2 ـ أنّ المعجزاتِ قد تقعُ من ساحرٍ و مشعوذ و ما أشبهِ ذلك تُعجزُ غيره.
3 ـ أنّ كلمةَ" آيات" أدلّ على المعنى المقصودِ من كلمةِ "معجزات"، فآياتُ الله هي العلاماتُ الدالةُ عليه،فتكون خاصةً به، و لولا أنها خاصةٌ ما صارت آية له.
هذا ما يسر الله تعالى جمعه و نقله، و أسأله سبحانه أن ينفعني به و إخواني المؤمنين، كما أشكر من أرشد إلى هذا الصنيع فجزاه الله خيرا و أدخله الجنة بغير حساب.
|